أسباب المغص عند الحامل
تعتبر فترة الحمل واحدة من أهم مراحل حياة المرأة، حيث يطرأ خلالها العديد من التغيرات الجسمانية والنفسية. من بين الأعراض التي قد تواجهها الحامل خلال هذه الفترة، يأتي المغص كأحد الشكاوى الشائعة التي تثير قلق العديد من النساء. ورغم أن المغص ليس دائماً علامة على وجود مشكلة صحية خطيرة، إلا أنه قد يكون محط اهتمام خاص لدى المرأة الحامل. في هذا المقال، سنتناول أسباب المغص أثناء الحمل، وأهمية فهم هذه الأسباب للتفرقة بين الحالات الطبيعية والخطيرة.
1. التغيرات الفسيولوجية الطبيعية في الجسم
أثناء الحمل، يطرأ العديد من التغيرات على جسم المرأة. هذه التغيرات غالباً ما تؤثر على الجهاز الهضمي والمعدة، مما قد يؤدي إلى الشعور بالمغص أو الألم في البطن. بداية من الأسابيع الأولى للحمل، تبدأ الهرمونات في التغير بشكل سريع، مما قد يؤثر على الأنسجة والأعضاء الداخلية. إحدى أهم هذه التغيرات هي زيادة مستوى هرمون “البروجستيرون”، الذي يؤثر على الأنسجة الملساء في الأمعاء والمعدة، مما يؤدي إلى بطء حركة الأمعاء وزيادة احتمالية حدوث الغازات أو الإمساك. قد ينتج عن ذلك شعور بالحموضة أو المغص.
2. توسع الرحم
مع تقدم الحمل، يبدأ الرحم في التوسع والتمدد لاستيعاب الجنين النامي. هذا التوسع قد يسبب ضغطاً على الأعضاء المجاورة، مثل الأمعاء والمثانة، مما قد يؤدي إلى شعور بالمغص أو الألم الحاد. يحدث هذا عادة في المراحل المتقدمة من الحمل، خاصة في الثلث الثاني والثالث، حيث يكون الجنين أكبر حجماً. قد تشعر الحامل بألم في أسفل البطن أو في الجوانب بسبب هذا الضغط.
3. التغيرات الهرمونية
الهرمونات تلعب دوراً مهماً في العديد من العمليات الفسيولوجية أثناء الحمل. بالإضافة إلى البروجستيرون، يمكن أن تؤدي زيادة مستوى هرمونات الحمل الأخرى، مثل الأستروجين والكورتيزول، إلى تأثيرات على الأعضاء الداخلية، مما يؤدي إلى تشنجات في المعدة أو الشعور بالمغص. من المعروف أن هذه الهرمونات تؤثر بشكل كبير على الجهاز الهضمي، مما يسبب اضطرابات هضمية مثل الغثيان أو المغص.
4. الإمساك
تعتبر مشكلة الإمساك من أكثر المشكلات شيوعاً بين النساء الحوامل، وهي من بين الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الشعور بالمغص. الإمساك يحدث نتيجة بطء حركة الأمعاء بسبب تأثير الهرمونات، وخاصة البروجستيرون، الذي يسبب استرخاء عضلات الأمعاء. يمكن أن يؤدي الإمساك إلى الشعور بالانتفاخ والمغص، وقد يتسبب في ألم حاد أحياناً. في بعض الحالات، قد يزداد الألم عندما تحاول الحامل إخراج الفضلات.
5. الغازات والانتفاخ
التغيرات الهرمونية لا تؤثر فقط على حركة الأمعاء، بل تؤدي أيضاً إلى زيادة في إنتاج الغازات داخل الجهاز الهضمي. هذا التراكم للغازات يمكن أن يسبب شعوراً بالانتفاخ والألم، مما يعزز الشعور بالمغص. الغازات قد تتراكم في المعدة أو الأمعاء، مما يسبب ضغطاً على جدار البطن. قد يصاحب المغص الناتج عن الغازات أعراض أخرى مثل التجشؤ أو الإحساس بالامتلاء.
6. الارتجاع الحمضي
الارتجاع الحمضي هو حالة تحدث عندما يرتد الحمض من المعدة إلى المريء، مما يسبب شعوراً بالحموضة أو الحرقة في الصدر. هذه الحالة شائعة أثناء الحمل نتيجة للزيادة في هرمون البروجستيرون، الذي يؤدي إلى استرخاء الصمام الذي يفصل بين المعدة والمريء. مما يجعل الحمض يرتد إلى المريء ويحدث شعور بالمغص والألم في منطقة الصدر والبطن. في الحالات المتقدمة من الحمل، قد يزداد الارتجاع الحمضي نتيجة لضغط الرحم المتزايد على المعدة.
7. التقلصات الرحمية الطبيعية
من الأسباب الطبيعية التي قد تؤدي إلى المغص هي التقلصات الرحمية. خلال الحمل، خصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى، قد تشعر الحامل بتقلصات في الرحم نتيجة لتثبيت الجنين أو نموه. هذه التقلصات تُعتبر طبيعية تماماً ولا تدل على وجود مشكلة صحية، لكن قد تشعر الحامل بالمغص أو ألم بسيط عند حدوثها. هذه التقلصات لا تكون عادة شديدة ولا تستمر لفترات طويلة.
8. الحمل خارج الرحم
من الأسباب التي قد تؤدي إلى المغص، والتي تحتاج إلى اهتمام طبي فوري، هو الحمل خارج الرحم. يحدث الحمل خارج الرحم عندما ينغرس الجنين في مكان آخر غير الرحم، مثل قناة فالوب. في هذه الحالة، قد تشعر المرأة الحامل بمغص حاد وألم في جانب واحد من البطن، وقد يكون هذا الألم مصحوباً بنزيف مهبلي. إذا كانت الحامل تشعر بمغص غير طبيعي أو ألم حاد في جانب واحد من البطن، يجب عليها التوجه للطبيب فوراً للكشف والتشخيص.
9. التسمم الحملي
التسمم الحملي، أو ما يُسمى بتسمم الحمل، هو حالة صحية خطيرة قد تصاب بها بعض النساء الحوامل في مراحل متقدمة من الحمل. تشمل أعراض التسمم الحملي ارتفاع ضغط الدم، تورم الأطراف، والبروتين في البول، وأحياناً المغص أو آلام البطن. في هذه الحالة، يكون المغص نتيجة لاضطرابات في الأوعية الدموية أو الكبد أو الكلى. التسمم الحملي يحتاج إلى رعاية طبية عاجلة، إذ يمكن أن يؤثر على صحة الأم والجنين.
10. الإجهاض المبكر
من الأسباب الأخرى التي قد تؤدي إلى المغص في مراحل الحمل المبكرة هو الإجهاض المبكر. إذا شعرت الحامل بألم حاد أو مغص مستمر، خصوصاً إذا كان مصحوباً بنزيف، فقد يكون ذلك علامة على حدوث إجهاض. الإجهاض المبكر يمكن أن يتسبب في ألم مماثل للمغص، وفي حالة حدوث أي نزيف أو ألم غير طبيعي، يجب على الحامل التوجه للطبيب فوراً لتقييم حالتها.
11. العدوى في المسالك البولية
العدوى في المسالك البولية هي واحدة من المشاكل الصحية الشائعة خلال الحمل. قد تصاحب هذه العدوى أعراض مثل الحرقان أثناء التبول أو الشعور بألم في أسفل البطن، مما يؤدي إلى شعور بالمغص. في حال تم تشخيص الحامل بعدوى في المسالك البولية، يتم علاجها بالمضادات الحيوية الآمنة أثناء الحمل لتجنب تطور الحالة إلى مشاكل أكبر مثل التسمم الدموي أو التهاب الكلى.
12. الحمل المتعدد
النساء اللاتي يحملن بتوأم أو أكثر قد يعانين من المغص بشكل أكثر شيوعاً. ذلك لأن الرحم يضطر إلى التوسع أكثر من الحمل الأحادي، مما يزيد من الضغط على الأعضاء الداخلية ويسبب شعوراً بالمغص. هذا التوسع قد يسبب أيضاً شعوراً بالثقل والضغط في أسفل البطن، وقد يصاحبه أحياناً شعور بالانتفاخ.
13. التوتر والقلق
لا يمكننا إغفال العامل النفسي وتأثيره على جسم المرأة الحامل. التوتر والقلق يمكن أن يؤديان إلى زيادة في التقلصات العضلية في البطن، مما قد يشعر الحامل بالمغص. خاصة إذا كانت الحامل تعاني من ضغوط نفسية أو عاطفية خلال فترة الحمل، فإن تأثيرات هذه العوامل النفسية قد تظهر في صورة آلام في البطن.
خاتمة
المغص أثناء الحمل هو أحد الأعراض الشائعة التي قد تظهر في فترات مختلفة من الحمل، ويختلف سببه باختلاف المرحلة التي تمر بها المرأة. في حين أن المغص غالباً ما يكون طبيعياً ومؤشراً على التغيرات الفسيولوجية التي تمر بها الحامل، إلا أن هناك حالات قد تشير إلى وجود مشاكل صحية أكبر. من المهم أن تتابع المرأة الحامل مع الطبيب المختص لمراقبة تطور الحمل وضمان صحتها وصحة الجنين. في حالة حدوث مغص شديد أو مستمر، أو ظهور أعراض غير طبيعية مثل النزيف أو ارتفاع درجة الحرارة، ينبغي استشارة الطبيب فوراً لتقديم العلاج المناسب.
المصادر:
-
Pregnancy and Childbirth: A Guide for Women, Medical University Press, 2023.
-
Obstetrics and Gynecology: Principles and Practice, Oxford University Press, 2024.
